المغرب يحتفل بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975

يحتفل المغرب، كغيره من بلدان شمال إفريقيا، بحلول السنة الأمازيغية الجديدة 2975، التي تعتبر محطة ثقافية ورمزية تحتفي بالهوية الأمازيغية العريقة. ويعد هذا الاحتفال تتويجا لمسار طويل من الاعتراف بالأمازيغية كمكون أساسي في الهوية الوطنية المغربية، خاصة بعد الإصلاحات الكبرى التي قادها الملك محمد السادس.

السنة الأمازيغية: امتداد تاريخي وثقافي

تعود جذور الاحتفال بالسنة الأمازيغية إلى آلاف السنين، حيث ترتبط بالموروث الزراعي لشعوب شمال إفريقيا، الذين يحتفلون ببداية موسم زراعي جديد في الثالث عشر من يناير من كل عام. ويرمز هذا العيد إلى التلاحم بين الإنسان والأرض، ويمثل إرثا ثقافيا يعكس غنى وتنوع الحضارة الأمازيغية.

السنة الأمازيغية تعتمد على التقويم الفلاحي الذي يرتبط بانتصار الملك الأمازيغي شيشنق على الفراعنة عام 950 قبل الميلاد، وهو الحدث الذي اعتبر رمزا لاستقلال الشعوب الأمازيغية ومقاومتها للهيمنة.

دور الملك محمد السادس في ترسيخ الأمازيغية

ولعب الملك محمد السادس دورا محوريا في ترسيخ الأمازيغية كمكون أساسي في الهوية الوطنية المغربية، معبرا عن رؤيته المتقدمة للمجتمع المغربي كفضاء متعدد الثقافات ومتنوع. ومنذ توليه العرش، عمل الملك على تعزيز مكانة الأمازيغية وضمان حقوقها في مختلف المجالات، مما يعكس التزامه ببناء مغرب حديث يرتكز على قيم الوحدة في التنوع.

وأولى الملك محمد السادس اهتماما خاصا بالأمازيغية من خلال إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية عام 2001، الذي كان خطوة استراتيجية تهدف إلى النهوض بالثقافة الأمازيغية وتعزيز حضورها في جميع مناحي الحياة العامة، سواء من خلال التعليم أو الإعلام أو الفنون. كما شكل هذا الإطار المؤسسي منصة لدراسة وتطوير اللغة الأمازيغية وتوثيق التراث الثقافي الغني المرتبط بها.

في عام 2011، شهد المغرب تحولا تاريخيا مع اعتماد دستور جديد أكد على الهوية المتعددة للمملكة. وبفضل توجيهات الملك محمد السادس، تم ترسيم اللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، مما أعطى دفعة قوية للاعتراف بحقوق الناطقين بالأمازيغية. وكان هذا القرار تتويجا لمسار طويل من النضال من أجل تحقيق العدالة الثقافية، وجاء ليعكس الإرادة الملكية الراسخة لتعزيز الوحدة الوطنية في إطار التنوع.

عطلة وطنية رسمية

لم تتوقف المبادرات الملكية عند هذا الحد، بل استمرت مع ترسيم عيد السنة الأمازيغية كعطلة وطنية رسمية في عام 2023. هذا القرار الملكي شكل رسالة واضحة تؤكد على الاحترام العميق للموروث الثقافي الأمازيغي، وترسخ مكانته كجزء لا يتجزأ من الهوية المغربية. كما ساهم هذا الاعتراف الرسمي في تعزيز الشعور بالانتماء لدى مختلف فئات المجتمع المغربي.

من خلال هذه الخطوات الرائدة، أظهر الملك محمد السادس رؤية شاملة تهدف إلى تحقيق التوازن بين الأصالة والحداثة. اعترافه بالأمازيغية كمكون أساسي للهوية المغربية يعكس التزامًا عميقًا بالمصالحة مع التاريخ واحترام التنوع الثقافي. هذا التوجه الملكي لم يكن فقط تعبيرًا عن إرادة سياسية، بل كان أيضًا خطوة استراتيجية لضمان التنمية المستدامة والانسجام الاجتماعي في المغرب.

Leave a comment